سورة القيامة - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القيامة)


        


{إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12)}
وفيه وجهان:
أحدهما: أن يكون المستقر بمعنى الاستقرار، بمعنى أنهم لا يقدرون أن يستقروا إلى غيره، وينصبوا إلى غيره، كما قال: {إِنَّ إلى رَبّكَ الرجعى} [العلق: 8] {وإلى الله المصير} [النور: 42] {أَلاَ إِلَى الله تَصِيرُ الأمور} [الشورى: 53] {وَأَنَّ إلى رَبّكَ المنتهى} [النجم: 12] الثاني: أن يكون المعنى إلى ربك مستقرهم، أي موضع قرارهم من جنة أو نار، أي مفوض ذلك إلى مشيئته من شاء أدخله الجنة، ومن شاء أدخله النار.


{يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13)}
بما قدم من عمل عمله، وبما أخر من عمل لم يعمله، أو بما قدم من ماله فتصدق به وبما أخره فخلفه، أو بما قدم من عمل الخير والشر وبما أخر من سنة حسنة أو سيئة، فعمل بها بعده، وعن مجاهد أنه مفسر بأول العمل وآخره، ونظيره قوله: {فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ أحصاه الله وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6] وقال: {وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَءاثَارَهُمْ} [يس: 12] واعلم أن الأظهر أن هذا الإنباء يكون يوم القيامة عند العرض، والمحاسبة ووزن الأعمال، ويجوز أن يكون عند الموت وذلك أنه إذا مات بين له مقعده من الجنة والنار.


{بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)}
اعلم أنه تعالى لما قال: ينبؤ الإنسان يومئذ بأعماله، قال: بل لا يحتاج إلى أن ينبئه غير غيره، وذلك لأن نفسه شاهدة بكونه فاعلاً لتلك الأفعال، مقدماً عليها، ثم في قوله: {بَصِيرَةٌ} وجهان الأول: قال الأخفش جعله في نفسه بصيرة كما يقال: فلان جود وكرم، فهاهنا أيضاً كذلك، لأن الإنسان بضرورة عقله يعلم أن ما يقربه إلى الله ويشغله بطاعته وخدمته فهو السعادة، وما يبعده عن طاعة الله ويشغله بالدنيا ولذاتها فهو الشقاوة، فهب أنه بلسانه يروج ويزور ويرى الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق، لكنه بعقله السليم يعلم أن الذي هو عليه في ظاهره جيد أو رديء والثاني: أن المراد جوارحه تشهد عليه بما عمل فهو شاهد على نفسه بشهادة جوارحه، وهذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير ومقاتل وهو كقوله: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} [النور: 24] وقوله: {وَتُكَلّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} [يس: 36] وقوله: {شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وأبصارهم وَجُلُودُهُم} [فصلت: 20] فأما تأنيث البصيرة، فيجوز أن يكون لأن المراد بالإنسان هاهنا الجوارح كأنه قيل: بل جوارح الإنسان، كأنه قيل بل جوارح الإنسان على نفس الإنسان بصيرة، وقال أبو عبيدة هذه الهاء لأجل المبالغة كقوله: رجل راوية وطاغية وعلامة.
واعلم أنه تعالى ذكر في الآية الأولى أن الإنسان يخبر يوم القيامة بأعماله. ثم ذكر في هذه الآية أنه شاهد على نفسه بما عمل، فقال الواحدي هذا يكون من الكفار فإنهم ينكرون ما عملوا فيختم الله على أفواههم وينطق جوارحهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8